الشورى بين الوطنية والمواطنة ،،،

 الإثنين ٢٤ مايو ٢٠٢١م

الشورى بين الوطنية والمواطنة ،،، 

 

تنطلق في أكتوبر المقبل مرحلة جديدة من مسيرة البناء الوطني في ظل تطلعات القيادة للنَّهج  الرشيدِ للشُّورى حيث نظم الباب الأول من الدستور الدولة و أسس الحكم الذي تنص المادة (١) فيه ؛

" قطردولة عربية مستقلة ذات سيادة دينها الإسلام ، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي لتشريعاتها ، ونظامها ديمقراطي ، ولغتها الرسمية هي اللغة العربية.
وشعب قطر من الأمة العربية ".

 

وفي يوم الأربعاء الماضي وَضَع مشروع قانون الانتخاب أمام مجلس الوزراء في جلسته المؤرخة  ١٩ مايو ٢٠٢١ أهم ملامح و متطلبات إشراك المواطنين في مجلس الشورى المنتخب انطلاقًا من توجهات القيادة و إعمالاً لنص المادة (٥٩) مِن الباب الرابع في تنظيم السلطات ؛

"الشعب مصدر السلطات ويمارسها وفقاً لأحكام هذا الدستور".

 

ويأتي ،،،،

 هذا الدور تجسيداً لحكم المادة (٧٦) من الدستور الدائم لدولة قطر حيث :‏ " يتولى مجلس الشورى سلطة التشريع ، ويقر الموازنة العامة للدولة ، كما يمارس الرقابة على السلطة التنفيذية ، وذلك على الوجه المبين في هذا الدستور " ؛

١/ تشريع القوانين.

٢/ إقرار الموازنة العامة للدولة.

٣/ رقابة الحكومة ومحاسبتها على أعمالها.

 

يُمثِّل ،،،،

إعلان حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى عن إجراء انتخابات لمجلس الشورى في شهر أكتوبر قفزةً نوعيةً في التشريع بدولة قطر ، حيث سيكون لمجلس الشورى القادم دورُهُ الرائد في ؛

 

       توسيع المشاركة الشعبية في صُنع القرار.

 

       استمرار الإنجازات التشريعية التي تتماشى مع الدستور و تواكب متطلبات العصر الحديث.

 

وتأتي ،،،،

" انتخابات مجلس الشورى القطري في إطار الرؤية المستقبلية لعناصر الحكم الرشيد لتحقق التطلُّعات الوطنية استكمالاً لما تحقق من رؤية قطر الوطنية ٢٠٣٠ واستراتيجياتها التنموية الوطنية وأولوياتها الوطنية والقطاعية التي جاءت بمثابة خارطة طريق لتحوي قطر إلى مجتمع متقدم قادر على تحقيق التنمية المستدامة لشعب قطر جيلا بعد جيل بهدف توفير مستوى معيشي مرتفع لجميع المواطنين بحلول عام ٢٠٣٠ وتأمين مستقبل أجيال مابعد النفط من خلال التنويع الاقتصادي .

 

ولأنَّ ،،،،

الانتخابات تمثل مظهرٌ من مظاهر المشاركة الشعبية الفاعلة في تحقيق غايات تلك الرؤية تأتي أهمية مايلي ؛

 

أولاً : معرفة الحدود الفاصلة بين الوطنية و المواطنة في الحقوق السياسية و المدنية وتحولاتها عبر الزمن من خلال التربية الوطنية.

 

لأنه على الرغم من أنَّ الوطنية والمواطنة أصلهما اللغوي واحد المشتق من "الوطن" ، بمعنى المكان الذي ولد فيه الإنسان ونشأ وسكن ، فأصبح موطنه ، بما فيه من جماعة بشرية (الأرض والناس) ، إلا أننا نرى خلطًا واضحًا يقع فيه الكثيرين بين مفهومي الوطنية والمواطنة ، اللذين يختلفان من حيث الاصطلاح حول مايلي ؛

 

١/ (الوطنية)

مفهوم ذو مضمون عاطفيّ يرتبط بمشاعر الحبّ والإخلاص والولاء والانتماء إلى الأرض والجماعة ذات الجذور الممتدة في (الوطن) التي ارتبط دورها بالبعد التاريخي في الشأن السياسي وتنطلق فيه الوطنية من الحقوق السياسية في الشأن الوطني ، وتُقاس بالاستعداد للتضحية من أجل الوطن وبذل النفس للدفاع والذود عنه والالتفاف حول قيادته في السراء والضراء.

 

٢/ (المواطنة)

مفهوم ذو مضمون قانوني صرف يرتبط بمفاهيم المسؤولية والالتزام بقوانين الدولة والمصالح والمكاسب المتحصل عليها من الحقوق المدنية ، ويُقاس بمدى الالتزام بالواجبات والحقوق القانونية وهنا يدلّ مصطلح المواطنة في القانون على صلةٍ تربط بين الدولة والفرد ، وذلك بموجب القانون الوطني.

 

فالأعضاء المنتخبون ‏يمثلون جميع أبناء المجتمع القطري في تجسيد مجموعة القيم والمعايير الحقوقية والقانونية التي تمكن الإنسان من التفاعل مع مجتمعه بصورة إيجابية عبر مشاركته في إدارة شؤونه في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية.

 

وقد جاء في خطاب سمو الأمير (٤٤) أمام مجلس الشورى ؛

"ليست المواطنة مجموعة من الامتيازات ، بل هي أولا وقبل كل شيء انتماء للوطن ، ويترتب على هذا الانتماء منظومة من الحقوق والواجبات تجاه المجتمع والدولة ، المواطنة مسؤولية أيضا ، من حق المواطن أن يستفيد من ثروة بلاده ، ولكن يفترض أن يسأل المواطن نفسه من حين لآخر ، ماذا أعطيت أنا لبلدي ومجتمعي؟ وما هي أفضل السبل لأكون مفيدا؟ وماذا أفعل لكي أساهم في ثروة بلادي الوطنية بحيث تستفيد الأجيال القادمة أيضا".

 

٣/ (التربية الوطنية) 

تتجسد عندما تترسخ قيمة المواطن الفعّال من خلال التربية الوطنية المتواترة للانتقال بالمواطن إلى مرتبة (الوطنية) بعد فترة قياس زمني للولاء والانتماء للعمق الوطني بين "الموطنين" عندها تكون الحقوق السياسية محط اهتمام الساسة من منظور وطني لا حقوقي فقط .

 

ثانيا : التعرف على (الممارسات الفضلى للعملية الانتخابية) (وأسلوب إدارتها لمناهج الشورى من منظور دستوري شرعي ووطني) و (دور المشاركين فيها من مرشحين وناخبين).

 

والتي نعتقد إن اللجنة القائمة على إعداد النظام الانتخابي لن تألوا جهدا في وضع نظام متكامل ينطلق من ؛

 

 •    معايير مرتبطة بالمجتمع الذي تتم فيه الانتخابات.

 

       اختيار النظام الانتخابي الملائم لبدء العملية الديمقراطية لدولة قطر يأخذ في الاعتبار خصوصية المجتمع التاريخية و الثقافية والسياسية وخلق التوازنات مع المنظومة القيمية للعادات و التقاليد التي أخذت طابع (العرف) في المجتمع .

 

       اختيار النظام الأنسب لدولة قطر لهذه المرحلة نظراً لتطور النظام الانتخابي الذي يتطور بتطور الممارسة الديمقراطية في الدوله بعد اجراء العديد من المقارنات المرجعية وفقا للمعايير الدولية لكونها الانتخابات الأولى التي ستجرى في دولة قطر.

 

•    وأخيراً ، اختيار نظام يتناسب مع طبيعة المجتمع و نظاميه السياسي والاجتماعي والتاريخ السياسي للدولة ، والتركيبة السكانية ، ومستوى التعليم في المجتمع لضمان تحقيق التمثيل العادل لجميع فئات المجتمع القطري حسب التوزيع المعتمد لمناطقه و دوائرة.

 

 

ثالثاً : المشاركة المسؤولة بممثلين عن المجتمع تأتي عندما يُحسن أبناء الوطن (الناخبين) من منطلق الوطنية اختيار (المرشحين) لعضوية المجلس لممارسة الدور المنوط بهم وفق أحكام الفصل الثالث من الدستور ويرجح أن يكونوا من أهل الكفاءة والخبرة والأفضلية التي عبر عنها سمو الأمير في خطابة (٤٥) أمام مجلس الشورى "قطر تستحق الأفضل من ابناءها " وهذا يسري على من سيختارهم المواطن لتولِّي تمثيله أحسن تمثيل  بعيدا عن حصرها بمنظور ضيق يستهدف الوجاهة والمكانة الاجتماعية وذلك لإن مجلس الشورى؛ 

 

١ / مجلس قرر له الدستور بعض الاختصاصات التشريعية والرقابية هذا من ناحية.

 

٢/ يتطلب الإلمام التام بشروط العضوية واختصاصات المجلس  التشريعي وفق أحكام الدستور القطري من ناحية أخرى.

 

٣/ لأن المشاركة ستجسد المواطنة المسؤولة كأساس عند الاستحقاق للانتخاب الوطني. ‏حيث جاء في خطاب حضرة صاحب السمو (٤٥) أمام الشورى: "الثروة وحدها لا تكفي والمواطنة انتماء وتتضمن حقوقا من الدولة وواجبات على المواطنيين".

 

رابعًا : تعزيز الوعي والثقافة المجتمعية بالحقوق المدنية والسياسية التي نعول عليها جميعا عند ممارسة الشعب القطري لحقه الانتخابي ولدوره في المشاركة الديمقراطية بعيدًا عن الأهواء والأمزجة والتزكيات والعواطف المنحازة أو مجاراة التيار وذلك لأن انتخابات مجلس الشورى المقبلة تمثل نقلة نوعية و منعطف تاريخي في قطر بكل المعايير وحدد لها الدستور عددا من المهام و الاختصاصات في المجلس المنتخب  بما فيها مساءلة الوزراء وسحب الثقة عنهم إن لزم الأمر ، لذا فالتمثيل الواعي والمسؤول المُمَكن تشريعيًا وخلقيًا وإداريًا يمثل مطلباً أساسيًا للاضطلاع بهذا الدور للصالح العام .

 

ويعد دور الناخبين في عملية اختيار المرشحين أمانة وشهادة أمام الله؛ 

       أمانه بإتمان المرشح على مصالح  الأمة ،،

       وشهادة أن هذا هو الاختيار الأفضل بين المتقدمين.

 

وانطلاقًا،،،،

من المصالح الوطنية العليا وحقوق المواطنة والتزاماً بالمعايير الدولية في اجراء انتخابات عادلة ونزيهة وضع مشروع القانون الانتخابي ضمانات لتحقيق النزاهة والشفافية في العملية الانتخابية تحت الإشراف القضائي ، والتي ستضع قطر في مرحلة جديدة من الوحدة الوطنية المسؤولة والمشاركة الشعبية في الشؤون العامة .

 

وقريباً سيشهد ،،،

العام  ٢٠٢١  اهتماما عالميا بالمشاركة الشعبية في صناعة القرار لأول تجربة انتخابية لدولة قطر كمسار اختارته السلطة العليا للشورى ليكون؛

 

١/ قناة للمشاركة الشعبية  في مراجعة نظامنا التشريعي والرقابة على أداءنا الحكومي للحد من المركزية  في إدارة مرافق الدولة و الهدر الحاصل في إدارة الموارد البشرية و المالية و لتصحيح مسار تباطؤ تقديم الخدمات و ضعف جودة البعض الآخر.

 

 ٢/ ولتشارك النخب المرشحة سموه في؛

 

       متابعة الممكنات الاستراتيجية للتنمية الوطنية الخاصة بتجسيد الكفاءة الحكومية نحو التميز الحكومي .

 

       الإصلاحات المرتبطة بمكافحة الفساد بشقية الإداري والمالي لتتماشى التعديلات الديمقراطية مع المسار الزمني المعتمد لتطوير و تحديث مؤسسات القطاع العام بهدف الوصول إلى قطاع عام متميز يتمتع بالكفاءة والشفافية ويخضع للمساءلة.

 

وختاماً ،،

ليأتي عملهم مجتمعين امتثالاً لقوله تعالى ؛

         "وأمرهم شورى بينهم"

 

 

 فاطمة بنت راشد الخاطر 

         خبير في شؤون الاستراتيجيات والسياسات وحقوق المواطنة 

 

 

تعليقات

  1. رؤية مبدأيه متكامله..
    تتضمن معلومات وتثقيف و رأي..
    للوصول للديمقراطيه الاجتماعيه والسياسيه..
    احسنت ومشكورة على هذا الشرح
    المفيد

    ردحذف
  2. أنا موطن مصري بسيط جدا لا حول ولا قوة محتاج جدا إلي العمل أي عمل لديك أو أي مساعدة فأنا في ظروف صعبة جدا ومعي ظروف خاصة فهل في استطع ان تساعد جزاك الله خيرا

    ردحذف
  3. اتمنى من الله من سيادتكم أن تصل رسالة إلى سيادتكم وتنظر الي بعين الرحمة إلي طلب المقدمة إلي سيادتكم تفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير محمد

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المنظمات الأممية والتدخل في سيادة الدول ١-٢

وقفة متأنية بين حقوق العمّال وحقوق أصحاب العمل

الحالمون واليوم الوطني