وقفة متأنية بين حقوق العمّال وحقوق أصحاب العمل

الاثنين ١٩ أكتوبر ٢٠٢٠

وقفة متأنية بين حقوق العمّال وحقوق أصحاب العمل

هذه مجموعة تساؤلات نضعها أمام وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية بعد الغاء نظام الكفالة الذي حل محلة النظام التعاقدي ومجموعة جهات أخرى نتطلع لمشاركتها بما يحفظ حقوق اصحاب العمل والعمال.


‏أولاً: حل النظام التعاقدي محل نظام الكفالة في دولة قطر بصدور المرسوم بقانون رقم (١٨) لسنة ٢٠٢٠ بتعديل بعض أحكام قانون العمل الصادر بالقانون رقم (١٤) لسنة ٢٠٠٤.


١/ جاء من بين الإجراءات الجديدة لتغيير جهة العمل في قطر والمدرجة بموقع وزارة ‏‏التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية “بأن على العامل إخطار صاحب العمل الكترونيًا عبر موقع وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية وهذا الإجراء يتعارض مع نص البند ١ من المادة (٣٩) من المرسوم بقانون رقم (١٨) لسنة ٢٠٢٠ تجاه حقوق أصحاب العمل في الإخطار كتابياً بحكم المرسوم بقانون والذي نص على الآتي :

“في حـال رغبة العامل في الانتقال للعمل لدى صاحب عمل آخر ، يجب عليـه إخطار صاحب العمل المتعاقد معـه كتابـًة برغبتـه في إنهـاء العقـد قبـل شهــر على الأقل من تاريخ إنهـاء العقـد ، ويلتزم صـاحب العمـل الجديـد بتعـويض صاحب العمل المتعاقد معه عن قيمة التذكرة ورسوم الاستقدام ، إن وجـدت ، على ألا يزيد التعويض عن الأجر الأساسي للعامل لشهرين".


٢/ دخلت الوزارة على الخط التعاقدي بين المستقدم والعامل بأن للعامل حرية الانتقال بدون موافقة صاحب العمل بمعنى أن شهادة عدم الممانعة ليس لها أي وجود. وبمجرد أن يُقدم العامل على إخطار في الوزارة وترسل رسالة نصية لصاحب العمل الأول تسري مدد الإخطار القانونية والمحددة بشهر أو شهرين حسب القانون والتي تبدأ بعد انتهاء فترة الاختبار للعامل!

  • فأين موقع احترام النظام التعاقدي في ظل هذا الإجراء؟ أي مامصير العقود السابقة على صدور المرسوم ؟ وماهي طبيعة العقود الجديدة التي ستُبرم ؟ وماهي الأسس الحاكمة لامتدادها القانوني في المدد التعاقدية؟ ومامعدل دوران العامل المقبول في سوق العمل؟ ومامدى استعداد وجاهزية الوزارة بإمكاناتها الحالية والمستقبلية لمواجهة حزم الإجراءات وسيل الاعتراضات والتظلمات من جميع أطراف العلاقة التعاقدية بعد انتهاء فترة الاختبار أو الإخطار ؟

  • وهل التعويض المحدد بشهرين من الأجر الأساسي للعامل في القانون (وبإجراءات الوزارة ) والذي سيقدمه صاحب العمل الثاني لصاحب العمل الأول مجزياً ويوفّي المستقدم حقوقه التي تكبّدها من تكاليف الاستقدام والتدريب وأخرى فاين الحقوق التعاقدية ؟

  • وأين تقييم وزارة التنمية الإدارية والعمل لجملة الآثار المترتبة على هذا الإجراء والأضرار اللاحقة للانتقال السريع لعمال الشركات وغيرهم ومستخدمي المنازل ؟ وماهي البدائل السريعة المتاحة بسوق العمل المحلي لبلد يعتمد الاستقدام أساسا لعمالة ذات طبيعة خاصة لمواجهة قلة عدد السكان؟

  • وهل سبق إصدار المرسوم بقانون دراسة الأثر القانوني للسياسة العمالية الجديدة على المجتمع والدولة بصفته أحد العلوم التي تأخذ بها النظم الحديثه في مناهج السياسات والتنمية ؟

  • وهل قامت وزارة التنمية قبل وضع الإجراءات بعمل بحوث ودراسات مستفيضة واستشرفت رأي الشورى ووضعت أمام المشرع السيناريوهات والمخاطر للنتائج المترتبة على السياسة العمالية الجديدة تجاه المجتمع ؟بخلاف تقارير المنظمات الدولية الانحيازية أُحادية المصدر والهدف ؟

  • ولكون هذا التعديل يمثل مساسا مباشرا بالحياة العامة للمواطنيين وقطاع الاعمال وذو أثار اقتصادية وسياسية واجتماعية قصيرة وأخرى بعيدة المدى على السكان ومستقبل القرار السياسي للدولة حيث تتعمد المنظمات الدولية (كمنظمتي العمل والعفو الدوليتين ) إطلاق لقب العمالة المهاجرة على العمالة المتعاقد معها فهل نحن مدركين مسؤولين ومواطنين أُسس التفرقة بين المصطلحين وتبعاتها السياسية المستقبلية ؟ وماهو دورنا تجاه ذلك؟

ثانياً: (العقد هو شريعة المتعاقدين) مبدأ قانوني عام في ‏القوانين الدولية والقانون المدني في دولة قطر كما ورد بالبند (ثانياً) من القانون رقم (22) لسنة 2004 بإصدار القانون المدني (القوة الملزمة للعقد):


171 المادة 1- العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون. 2- ومع ذلك إذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها وترتب على حدوثها أن تنفيذ الالتزام التعاقدي، وإن لم يصبح مستحيلاً، صار مرهقاً للمدين بحيث يهدده بخسارة فادحة، جاز للقاضي تبعاً للظروف وبعد الموازنة بين مصلحة الطرفين أن يرد الالتزام المرهق إلى الحد المعقول. ويقع باطلاً كل اتفاق على خلاف ذلك.

172 المادة 1- يجب تنفيذ العقد طبقاً لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع ما يوجبه حسن النية. 2- ولا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه، ولكن يتناول أيضاً ما هو من مستلزماته، وفقاً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام.


‏ ١/ الأصل في ما لم يرد فيه نص خاص في القوانين ‏الأخرى التي تنظم العلاقة بين الأفراد يسري عليها أحكام القانون المدني (القانون الأم) ‏الذي صيغ بعناية تامة ليشمل ويكفل الحقوق المدنية وجميع ما ينظم العلاقة بين الأفراد لذا لابد أن يترك للمحاكم المختصه حرية الفصل في المنازعات والإشكاليات التفصيلية التي تثار أمامها فيما يتعلق بنظام العقود في ظل الغاء نظام الكفالة.


٢/ أن ما تضمنه المرسوم بقانون الجديد ‏أعطي الحقوق المطلقة للعامل ‏ومن خلال لجان الشكاوي والمنازعات العمالية والمكتب الوطني للعمالة وترك مصير أصحاب العمل معلقا للجوء إلى القضاء ، في ‏حين أن الاصل أن يكون اللجوء إلى القضاء للطرفين دون تفضيل لأحدهما على الآخر في القانون **هذا في حال إخلال صاحب العمل أو العامل باي بند من بنود العقد**.

  • ‏من الأولى ملائمة المشرع لما يرتبط بتفاصيل إدارة الأعمال والمنازعات التي قد تحدث بين العمال وأصحاب العمل ‏والتي يجب أن يفصل فيها القضاء الذي هو أهل للفصل فيها إلا اذا كانت لجان فض المنازعات العمالية يمكن اللجوء إليها من قبل اصحاب العمل عملاً بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص مع العامل بما يحفظ الحقوق التعاقدية للطرفين دون تمييز في إجراءات التقاضي لطرفي التعاقدأمام اللجنة وأمام القضاء ؟

ثالثًا: أخذت وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية بهذه الوضعية محل (نقابة العمال) !!! عندما ذهبت بإجراءاتها الجديدة كمخلص لتغيير جهة العمل في قطر وفي ضمان حقوق العمال كاملة دون الالتفات إلى حقوق أصحاب الأعمال فهل من تفسير لذلك ؟

  • وهل قامت الوزارة بإجراء المقارنات الدولية قبل الغاء نظام الكفالة للوقوف على المبادئ القانونية المؤيدة للجانب التعاقدي في ظل احترام الأحكام العامة للقانون؟ حيث يقضي القانون المدني ‏باحترام العقود كقوة ملزمة للعقد بين الطرفين أخذ بمبدأ أن (العقد هو شريعة المتعاقدين) فهل سيستمر العمل بالعقود الموثقة والمعتمدة من وزارة التنمية الإدارية والعمل والمعمول بها سابقاً أم أن هناك نماذج وآليات أخرى ستعد بها عقود العمل من جديد مضافًا إليها شرط التنافسية ؟

  • نعلم جميعاً ان القوانين الحيوية ذات المساس بشؤون الحياة العامة للسكان والاقتصاد وقطاع الأعمال وآثاره الممتدة على القطاع الخاص والمنازل عادة ما تعطى فترة سماح لتوفيق الأوضاع الأمر الذي لم نستدل عليه بصدور المرسوم بقانون الأخير ؟!

رابعاً: إصلاحات سوق العمل تتطلب من القائمين على قطاع العمل ؛


١/ وعياً متزايداً بمتطلبات تلك الإصلاحات ومراعاة توقيتها وأثر التداعيات على البرنامج الزمني للأولويات الوطنية والقطاعية في ظل هذه التحولات بالمنطقة وتداعيات جائحة كورونا.


٢/ استدراك درجة المخاطر للحيلولة دون ضغوط المنظمات الدولية أو الأجندات المسيسة التي تنحاز لطرف دون آخر ونحن في سبيلنا لتحقيق النتيجة القطاعية بالتنمية الوطنية نحو قوة عمل كفؤة وملتزمة التي تدفع قُدماً التنمية البشرية بمكونيها (الموارد البشرية الحكومية) و (قوة العمل بالقطاع الخاص بشقيها الوطني والمستقدم ).

٣/ هناك أولوية شخصت أمامنا اليوم وتأتي في مرتبة متقدمة على الأولويات الوطنية أسفرت عنها التحديثات الأخيره في نظام العمل ذات مساس مباشر بالوضع الاجتماعي والنشاط الاقتصادي على حد سواء تلك التي ذهبت إليها وزارة العمل في حفظ حقوق العمالة ضاربة عرض الحائط بحقوق أصحاب العمل وبغض النظر عمّا عليهم من التزامات تعاقدية.

  • وهنا سؤال غاية في الأهمية نوجهه لوزارة التنمية والعمل ما مدى منطقية استمرار عملية الاستقدام من طرف صاحب العمل في ظل عدم احترام مدد العقد وتكاليف الإستقدام  وإمكانية تغيير العامل لجهة العمل بعد اجتياز فترة الاختبار ! ومن المسؤول عن المضاربات الحاصلة اليوم في سوق العمل على حساب جيوب المواطنيين وصغار المستثمرين ؟

  • وهل هناك رصد لدرجة مساس التعديل القانوني بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في الحماية الاجتماعية للأسر والمنازل ولدرجة مساس التغيير الفوري وانعكاساته على النشاط التجاري للقطاع الخاص المتأثر بعوامل عدة مع عدم توفر البديل من العمالة المدربة بالسوق المحلي بالتزامن مع جائحة كورونا وحزم القروض الممنوحة لدعم الشركات التي سيقوضها ويعثر سدادها تراجع الأنشطة التجارية وتعريض الشركات الصغيرة والمتوسطة لإعلان إفلاسها وإغلاق أنشطتها ؟

٤/ لجان ‏المنازعات العمالية ولجان شكاوي ودعاوى العمال ‏لابد‏أن تتضمنها أًو تقابلها لجان لمنازعات لأصحاب الأعمال ومكتب العمل الدولي لابد أن يقابلة تخصيص مكتب للعمل الوطني في الدولة لضمان العدالة المتكاملة للطرفين من أجل مواجهة إدعاءات وافتراءات المنظمات الدولية في المحافل الدولية والوطنية!


٥/ نعلم جميعا أن لكل نظام خاص أو عام سلبياته وإيجابياته ويتمثل سالبها في الخروج على القواعد القانونية والتنظيمية والحقوقية في قطاعي العمل بشقية العام والخاص وتمثل تلك الشواهد والأحداث شذوذ عن ا الأصل وخروجا علية وعلى أحكامه المنظمة وليس توجه دولة وتضبطها وتنظم أحكامها القوانين واللوائح والنظم واللجان الوطنية المعمول بها في الدولة منها. على سبيل المثال لا الحصر:

  • لجنة التظلمات والشكاوي لموظفي القطاع الحكومي (موارد).
  • لجنة فض المنازعات العماليةً .
  • ولجنة تلقي الشكاوي (للعمال).

خامساً: من باب المشاركة المجتمعية والمعنيين بالمسؤولية الاجتماعية تجاة المجتمع نوجه أيضا تلك الاستفسارات والأسئلة للجهات ذات العلاقة والمختصين من ذوي الخبرة ونتطلع للمشاركة المؤسسية من أجهزتنا الموقرة بما يساهم مع وزارة التنمية الإدارية والعمل في استقرار نظم وسوق العمل وبما يحفظ حقوق أصحاب الاعمال والعمال على حد سواء ،

(مجلس الشورى / مجلس الوزراء / وزارة الداخلية / اللجنة الوطنية لحقوق الانسان / غرفة تجارة قطر (والجمعيات / رجال الاعمال وسيدات الاعمال / وجمعية المرأة للوعي الاقتصادي) / وزارة التجارة والصناعة (الشركة القطرية للاستقدام) (ويزة) / هيئة الرقابة الإدارية والنزاهة والشفافية. 



                فاطمة بنت راشد الخاطر

خبير في شؤون الاستراتيجيات والسياسات وحقوق المواطنة

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

المنظمات الأممية والتدخل في سيادة الدول ١-٢

الحالمون واليوم الوطني